NEVER MIND
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 / احترت اكتب العنوان لهيك قصة /

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
S.A.M.I
المدير العام
المدير العام
S.A.M.I


عدد المساهمات : 149
تاريخ التسجيل : 18/05/2011
العمر : 29

/ احترت اكتب العنوان لهيك قصة / Empty
مُساهمةموضوع: / احترت اكتب العنوان لهيك قصة /   / احترت اكتب العنوان لهيك قصة / Icon_minitimeالجمعة مايو 20, 2011 3:21 am

/ احترت اكتب العنوان لهيك قصة /

بالفعل من اروع ماقرأت

تفضلو

حصاد العمر

احتضن سماعة الهاتف بدموعه .. هاجمته طفولة في الصوت لم تلامس أذنه ، كانت مقيمة هناك تحت جلده ، تنسم رائحة فل وحبق ، ورآه يركض في البرية القريبة حاملا قطا بريا قذرا ، وآثار دماء على كفيه ، ناداه بلهفة وفزع ،
ردّ عليه الصوت المحايد من سماعة الهاتف :
ـ لم تقل لي يا حاج كم نمرة قدمك ؟
الصوت المحايد يهمس بالطلب للمرة المئة ، للمرة الألف ، لم يعد يدري كم من المرات سمع هذا السؤال ، ربما منذ ثلاثين سنة يتكرر على مسمعه ، تطلع إلى قدميه ، حدّق مليا : يا لك من عجوز تقف عند حدود الأمس ولا تتطور ، ما زالت قدمك تحافظ على نفس النمرة . !!!
في كلّ مكالمة يسأله ذلك الصوت الذي لا ينتمي إلى حواسه نفس السؤال ، وفي كل مرة يردد نفس الإجابة المصحوبة بتنهيدة الزمن المر : لو أنها تتغير !!
عبرت الحرقة مشاعره الهرمة ، سالت الدموع مغطية لحيته البيضاء ، انتزعت ابنته السماعة من يده ، بلهفة سألته عن الزوجة التي لا تعرف إلى الآن ملامحها ، عن الأولاد ، عن .. وتوقف صوتها منصتا لتذمره ، كان صوته المحايد يسأل :
ـ أما زالت الطرقات عندنا مليئة بالحفر ؟ ، والماء من أين تحصلون عليه ؟ ، أيوجد عندكم سخان ؟ أما زلتم تقفون في الطابور لشراء الخبز ؟ أم أمك ما زالت تقف أمام التنور ؟ أنا قلق ، زوجتي تريد زيارة البلد ، و أخشى أن ...
كالعادة أسقط في يدها ، ماذا تقول ؟ كيف تفصّل مدينة جميلة على مقاس الزوجة الأسبانية المثقفة وزوجها الطبيب الذي لم يعد يذكر الخن والدجاج ، والبراري ، وخبز التنور ، والسير حافيا في الأزقة الموحلة ، ومطاردة الأرانب ، وجز الحشائش لتصنع أمه منها وجبة غداء ..!
أمه المقعدة بقيت في كرسيها بعيدا ، ترفض تناول السماعة والدموع تبلل صفحات القرآن في حضنها ، الصوت المحايد يهمس لأخته
ـ لا بأس اتركيها على راحتها .
يحضن سبحته وينزوي مع ذكرياته أمام الباب المتداعي ، يراه منحدرا من رأس الزقاق ، نفس الخطى المتعثرة الفرحة ، نفس الانطلاقة ، يلوّح بيده حاملا شيئا ما .. كان دائما يفرح بالأشياء البسيطة ، يرميها في حجر والده بفخر ، ويباهي رفاقه بها ، عشبة غريبة ، حطب يجمعه من البرية ، تنك فارغ ، وسحالي ، وسلحفاة غضة ! مازال وجهه ينضح بالعرق ، ولهاثه يعلو في الذاكرة ..
في المدرسة كان يباهي بأنّه الأوّل دائما رغم هزاله ! في الجامعة كان لا يراه إلا ليطلب المصاريف التي تؤمنها أخته المنكفئة على ماكينة الخياطة .. و ...!!
يقف أمامه فرحا ، يرفع إليه عينين ضعيفتي النظر ، يحاول تذكر ملامحه ، يبسم موزع البريد وهو يلوّح بما في يده :
ـ طرد لك يا حاج من بلاد الأجانب ، إنه من الغائب .
تسقط السبحة ، تنهض قامته المنحنية ، تشتدّ بفرحها ، يتناول الطرد بيد ٍ مرتعشة ، يهمس تلك الكلمات التي كررها الصوت المحايد في الهاتف : حذاء إيطالي ، جلد طبيعي ، مئة بالمئة ، مئة بالمئة ..! دخل البيت ، أخرج الهدية الغالية الثمن ، تساقط فرحه على رؤوس من في البيت ، تهلل وجه ابنته ، توقفت يد الحاجة عن عد حبات السبحة والأيام المنقضية ، جلد دافئ ناعم لونه بلون طين القرية ، بلون الشتاء البارد ، هذه المرة لم ينس النمرة .. لم ينس النمرة ..
وضع فردتي الحذاء أرضا ، كلاهما كانت للقدم اليسرى !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nevermind.syriaforums.net
 
/ احترت اكتب العنوان لهيك قصة /
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
NEVER MIND :: المنتديات العامة :: ركن الحكايا و القصص القصيرة-
انتقل الى: